لبنان دخل مرحلة المتغيّرات العميقة: هذه هي السيناريوهات المرتقبة!

فاجأت إنتفاضة عشرات آلاف اللبنانيين الأوساط كافة، وتزامنت مع محاولة الحكومة إنجاز موازنة 2020 وسلّة ضرائب جديدة، في ظل اعنف أزمة مالية-إقتصادية تعيشها البلاد منذ عقود، بدأت في خلالها الليرة اللبنانية تخسر من قوتها الشرائية، وفرضت المصارف قيود غير مسبوقة على تسييل الودائع بالعملات الأجنبية وعلى رأسها الدولار. وساهم فشل السلطات الهائل في احتواء الحرائق الضخمة التي وصلت منازل المواطنين في وصول الغضب الى ذروته.

ما يجب متابعته:

@ سبق الانتفاضة الشعبية وقطع الطرقات المتواصل منذ مساء الخميس 17 تشرين الأول أكتوبر، أزمة ثقة بالنظام المالي، عماد الإقتصاد اللبناني، تجسدت بسحوبات هائلة وتحويلات الى الخارج قام بها عدد كبير من المودعين، لاعتبارات متعددة، لم تكن العقوبات الاميركية على جمال تراست بنك بعيدة عنها.

@ تزامنت الإنتفاضة الشعبية مع ترنح التسوية الرئاسية، وسط تجاذبات حادة سببها التعيينات وتقاذف المسؤوليات، وهجوم عنيف للوزير وليد جنبلاط ضد العهد، وتجاذبات حادة بقيت خارج الأضواء بين الوزير جبران باسيل، ورموز أساسية داخل التيار الوطني بعضها في مراكز حساسة .

@ كما تزامنت مع تجاذب على الصلاحيات بين مكونات الإئتلاف الحاكم وتفسير المادة 95 للدستور، ومبادرة وئيس مجلس النواب نبيه بري الى طرح قانون الإنتخاب على البحث الجدي.

@ سبق الانتفاضة الشعبية تهديد الوزير جبران باسيل بقلب الطاولة، ومبادرته على ضرورة زيارة دمشق وطلبه في إجتماع طارئ للجامعة العربية بعودة سوريا الى الجامعة، تزامناً مع الهجوم التركي على شمال سوريا.

@ إقليمياً: سبق الانتفاضة الشعبية اللبنانية بنحو اسبوعين تظاهرات مفاجئة وضخمة في العراق، تم التصدي لها بالقوة وسقط في خلالها مئات القتلى. كما ساهم الانسحاب الاميركي المفاجيء من مناطق الأكراد شمال سوريا في إحداث دينامية جديدة في بلاد الشام دخل على خطها الروسي والإيراني والتركي.

@ كما سبق انتفاضة اللبنانيين بداية تفاوض خليجي-ايراني برعاية روسية وباكستانية، تخللتها تطورات متسارعة في اليمن، وتعرض ناقلة نفط إيرانية لهجوم مباغت في البحر الأحمر.

@ تضييق سفارات غربية وخليجية أبواب سيدر على الحكومة اللبنانية مع تهديد واشنطن بمزيد من العقوبات، وغموض في النتائج المالية زيارة الرئيس سعد الحريري للإمارات وضبابية في موعد زيارته للسعودية.

@ رسائل واضحة ومباشرة من دوائر معنيّة بلبنان عن فقدان الثقة بالطبقة السياسية برمتها، بعد فشلها في إقرار الإصلاحات اللازمة لتجنب الإنهيار الإقتصادي، وبالتالي يدخل النظام اللبناني ككل في دائرة الخطر.

السيناريوهات المرتقبة:

* سيحاول الإئتلاف الحاكم، إستيعاب التحركات الشعبية من خلال بعض القرارات التخديرية مع زيادة القبضة الأمنية والرهان على إنفراط عقد الإنتفاضة الشعبية لغياب القيادة الموحدة والتباينات بين فصائلها، وهنا سيسعى كل حزب الى التسلل داخل الحراك الشعبي ضمن مناطقه، لمحاولة تحويله عن مساره. هذا السيناريو سيُحدث المزيد من الإضطرابات وينذر بصدامات.

* التفاهم بين الرئيسين عون والحريري، والثنائي الشيعي، على استقالة الحكومة، لقاء ضمانة أن يُشكل الحريري حكومة جديدة، وهنا قد لا تتم مشاركة القوات اللبنانية والاشتراكي فيها ، وهذا السيناريو دونه تعقيدات تتعلق بخيارات صعبة على الحريري، وقد تؤثر على ما تبقى من الغطاء الخليجي -الاميركي له. وقد لا يؤدي تقديم هذه الحكومة ضحية لتهدئة الشارع.

* التفاهم بين العهد وحزب الله، على تشكيل حكومة من لون واحد، يكون الحريري ، جنبلاط، جعجع خارجها، وهذا خيار متاح نيابياً، ولكنه عملانياً قد يتعرض لمطبات عدة ، ويفتح باب الشارع أمام مناصري المستقبل والقوات والاشتراكي، ويعيد الاصطفاف السياسي الحاد الى لبنان، وهذا ليس في مصلحة حزب الله.

* فشل الإئتلاف الحاكم في استيعاب الانتفاضة الشعبية، بسبب تناقضاته، وبعده عن هموم الناس والضغوط الهائلة التي تتعرض لها مالياً وإقتصادياً وخدماتيا ً، وهنا قد يدخل الجيش اللبناني على الخط، لفترة إنتقالية، تتم بعدها انتخابات نيابية مبكرة، ضمن تفاهمات داخلية قد لا يكون حزب الله بعيداً عنها وإقليمية -دولية ، في سيناريو مشابه للجزائر والسودان ومصر.. وقد يكون هذا الخيار مريح للعملاق الروسي الذي اصبح لاعباً أساسيًا، وقد لا تعارضه واشنطن ودول الخليج، لأن ثقتها بالطبقة السياسية الحاكمة ضعيفة جداً.

* سيناريو كرة الثلج وسعي كل زعيم لإحتواء الانتفاضة الشعبية في منطقته، وفرض حظر للتجول بعد عمليات تخريب مقصودة ومفتعلة خصوصاً في العاصمة، وضواحيها، وهذا دونه مخاطر توسع الصدامات، لأن الواقع المعيشي والحياتي صعب جدا.

خلاصة:

دخل لبنان مرحلة المتغيرات العميقة وغالبية الناس خرجت عن “طاعة” مرجعياتها، وبروز قيادة وخطة لهذه الإنتفاضة الشعبية مسألة مفصلية لإيصالها الى خواتيمها الحميدة ..وإلا الفوضى المتدرجة !

أضف تعليق